مدن بديلة للأستاذ سليمان أحمد العوجي / وقراءة نقدية موجزة للنص


قراءة موجزة في نص( لمدنٍ بديلة)

للمبدع سليمان أحمد العوجي---

/؛؛؛؛ لمدنٍ بديلة

---------------------------------

على سفحِ الليل

يتأبطُ الرعيانُ خذلانهم

تتدافعُ قطعانُ النبوءاتِ

بطيشٍ مراهقِ السمتِ والرؤى....

 على سفحِ الليل....

ذئابٌ موتورةُ العواء

تطالبُ القمرَ بالتنحي

كالخائفاتِ في كرنڤالِ السبي

تُمسِكُ قصائديعن الكلامِ المباح... 

أغادرُ بلا نعلِ المكان

لمدنٍ بديلةٍ.....

لاترجمُ الضياء

جذري في تربتها

يخاتلُ العدم منذُ الطوفان

غداً يذوبُ ثلجُ الحياد

ويخرجُ عفريتُ المعنى

من جيبِ الكلام... 

خجولاً كشمسِ الشتاء

أحملُ ظلي وبقايا صوتي

كأخرِ مقنياتي...

 وأدبُّ على سطورِ النورِ

كنملِ المثابرة...

 لمدنٍ بديلةٍ...

تخبأُ لي حلوى الكرامة

 والمصير....

 بين نهدينِ من حرير... 

لاتهملني كأضرحةِ الغرباء

لي فيها ماللطيورِ العابرة

وعليَّ ماعلى الغيمِ

من خراج..

 لمدنٍ بديلة... 

لاتضعُ ملحاً في عيني

وأنا أختلسُ النظرَ

إلى مفاتنِ الهال في ركوةِ المساء...

 لمدنٍ بديلةٍ...

يؤاخي فيها الشذا

بين الفراشةِ والريح

كلما تندرت شرفاتها

بمكارم الحبق.... 

لايتوهُ فيها الضياء

عن دربِ المكان

فخيطُ الأنسِ في كفِ القمر

لمدنٍ بديلةٍ...

لاتقعُ في حبِ التاريخِ

المتأنقِ بالخرافة...

 ولاتصدقُ وردةً

خرجت في غير موسمها

تتمشى على رصيفِ

قصيدةٍ مغفلة... 

ولاتثقُ ببكاءِ الصيادِ

في جنازةِ العصافيرِ

ونحنُ في الأشهرِ الحرم

لمدنٍ بديلةٍ....

تهبني زماناً آخر

أسميه على مزاجي

أدللهُ ولاأدعهُ يحبوعلى شوكِ أيامي

أقفلُ كفي عليهِ

وأحميهِ من رفاقِ السوء

لمدنٍ بديلةٍ....

تمجدُ العابرين إلى الله

وتعيدُ للعاطلينَ عن الحياةِ

قناديلهم.

 بقلمي:سليمان أحمد العوجي.

القراءة

--------------------------------

لاأستطيع أن أمسك نفسي عن الغوص فيما يكتب هذا الرجل.. يباغتني النص فأغوص على عجلٍ في بحر متلاطم الأفكار مدُّه عالٍ بالفكر والصورة والمعنى وجزره يوفر لك بيئةً ملائمةًلتصيد الثمين من اللقى.. على سفح الليل وسط خذلان الرعيان اللاهثين خلف قطعان الحماقة وسوء التقدير والتدبير وذئابٌ يستبد بها عطش للإطاحة بسلطة القمر في عرش السماء ( وماأكبره) من مدلول... يبحث سليمان العوجي عن مدنٍ فاضلة حافياً من كل ماعلق به من هذا المكان الذي يعيث فيه السوءلمدنٍ تقدس النور.. ( غداً يخرج عفريت المعنى من جيب الكلام).. ( أدبُّ على سطور النور كنملِ المثابرة)... أيُّ فكرٍ هذا الذي ينحت في ألواح الإبداع ايقوناته.. أيُّ صورةٍ مترفة الذكاء ترفل على السطر متباهيةً بما حباها هذا المبدع من أثواب الدهشة... لمدنٍ تخبئ له حلوى الكرامة والمصير.. له ماللطيور العابرة وهنا دلالة على مايتمتعُ به الطير العابر للحدود من حرية لاتعرف التقنين الحرية في ارقى مستوياتها الإنسانيةوعليه ماعلى الغيم من خراج انه طير يتمتع بكل الحرية ولكنه لن يسمح لنفسه الالتي يكون مفيداً كالغيم الذي يؤدي ماعليهتجاه مجتمعه.. امام هذه الصورة رددت الله اكثر من مرة... لمدن لاتضع الملح في العين التي تختلس النظر الى مفاتن الهال في ركوة المساءوقفت امام هذه الصورة طويلاً وتخيلت الهال هذه الحسناء التي تشمر عن ساقها وتقصر ثوب فتنتهاوتكشف عن نصف صدرهاياااااااه مااروعك... ثم تخيل معي شرفات هذه المدن التي تتندر بمكارم الحبق وكأن الحبق قوم من النبلاء الذين ماإن يرد ذكرهم حتى يكون لهم هذه السطوة والسلطة التي تؤاخي بين الفراشة والريحوهنا اشارة للتأخي بين القوي والضعيف.. لمدنٍ لاتقع في حب تاريخيحمل خرافاته على منكبيهويحمِّلنا وزرها وماأكثرها تلك الخرافات التي تهدر دمنا كل يوم بغير ذنب وكم جرت علينا من مآسي... لمدن لاتثق ببكاء الصياد في جنازة العصافير.. الله ماابلغها من مشهدية.. وهل يتنكر الصياد لمهنته في قتل الطيور... لمدنٍ تهبه زماناً غير زمانهزمان مختلف يضع تفاصيله بيده ويسهم في إلباسه ثوب أقداره ويحدد مصب مصيرهلمدن لاتبخس الشهداء حقهماولئك العابرين الى اللهوتعيد للعاطلين عن الحياةوهم المغبونون الاحياء الاموات تعيد لهم قناديلهم وتكون قد اعادت لهم ( الامل) الذي ذهب مع الريح.... نصٌ يحمل كل مواصفات القطعة الادبية المتكاملة فكراً ومعنىً ولغةً بحبكة درامية لايتخللها اي انقطاع او هفوة من تمهيد واسباب للبحث عن الملاذ الآمن والمرجو... نصٌ غني جداً فلايكاد يخلو سطر من صورة ملفتة غير عادية ولاتقليدية وخاتمة هي قفلة تشعرك بضرورتهانبحر على متن النص دون ان يجرفنا تيار الغلو في الزخرفة يتهادى فيه مركبنابسلاسة حرف لايمعن في الغموض وكأنه يخاطب كل الشرائح انه السهل الممتنع بكل شروطه وبكل ماتعنيه هذه الطريقة في الكتابة التي لايجيدها الا القلائلنحن امام كاتب يكتب بطريقة متفردة ولغة حدثاوية قد نستذكرها يوماً ما على أنها فتح جديد في عالم الادب الجميل.. 

سليمان أحمد العوجي شكراًشكرا.. 

ابدعت وامتعتنا.

 - هناء عبد الكريم السمان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة بعنوان حبّك يكبر / للشاعر جعفر الخطاط

قصيدة بعنوان رسالة الأميرة / للشاعرة مريم كباش

قصيدة بعنوان لا تطرق الباب / للشاعر منهل الملاح