قصيدة بعنوان أجراس الحكمة / للشاعر المبدع تيسير الشماسين




- أجــراس الـحكمــــة -
دَعْ لِـلـخَـلـيـقَـةِ شَــأنَــهــا و تَـــعــالَ
فـــالــلّٰهُ أَوْلَـــــى بِــالـعِـبـادِ تَــعـالـى
مــا زادَ فـيـكَ إذا عَـلِـمتَ شُـؤونَـهم
أو قَـــلَّ شَــأنُـكَ إنْ جَـهِـلـتَ مَــقـالا
دَعـهُـمْ ، فَـمـا لَـكَ بِـالعِبادِ و مـا لَـهُمْ
فـيـمَا بَـلَـغتَ مِــنَ الـفُـضولِ مُـحـالا
دَعْ عَنكَ ما يُرديكَ فـي نَظَـرِ الـوَرى
و اخلَــعْ عَلــيكَ مِـنَ الرِّضـا أَحمــالا
و اصْـنَـعْ مِــنَ الـعُـقَدِ الَّـتـي آسـيْتَها
إِذْ لاحَ فَــجــرُكَ لــلـوصـولِ حِــبــالا
قُــمْ لا تَـلُـمْ سُــودَ الـلَّـيالي و اغـتَنِمْ
فـيـهَـا الـبَـصيصَ و لَــو فَـضـاكَ أَلالا
و اخـلُـقْ لِـروحِـكَ إن أَرَدْتَ سُـموهَا
صَـــبــرَاً لِــتَـبـلَـغَ غـــايَــةً وَ مَـــنــالا
و اكـنُـسْ فُــؤادَكَ كُـلَّ يَـومٍ وَ اخـلِهِ
لِــلـنّـاسِ تَــلـبَـثُ أو تَــشُــدُ رِحــــالا
و اخــرُجْ بِــه لِـلـنّورِ حَـيـثُ يَـقـودُهُ
عَــقـلٌ و يُـجْـلَـدُ إنْ أَطـــالَ فِــصَـالا
و اجْـلِسْ و نَـفْسَكَ حـينَ كُلِّ عَشِيَّةٍ
و احـسِـبْ لَــعَـلَّكَ مــا رُزِقـتَ حَـلالا
و اردَعْ ضَـمـيـرَكَ إنْ تَــجـاوَزَ حَــدَّهُ
و ارجَــــعْ بِــحَــدِّكَ إنْ أَرَدْتَّ كَــمـالا
و احْـفَـظْ لِـسـانَكَ فَـالحَريقُ شَـرارَةٌ
وَ الـــشَّــرُّ يَــبـلُـغُ بِـالـلِّـسـانِ قِــتــالا
عَـيْـنـاكَ لَـــو حــادَتْ يَـمـيناً فَـاثـنِها
فــي غَـيـرِ أَرضِــكَ أن تَـحيدَ شِـمالا
و اذهَـبْ بِـسَمعِكَ حَيثُ لا تَرضَى لَهُ
قــيــلَاً ، و لا تَــرضَــى لَـــهُ مِــقـوالَا
و احــــذَرْ مُحــــاباةَ النَّمــيمِ بِقولِـــهِ
سَـيَـقُـولُ فــيـكَ كَــمَـا بِـغَـيرِكَ قــالا
إيَّــــاكَ .. لا تـــولِ الـمُـنـافِـقَ هِــمَّــةً
فَــغَــداً يَـبـيـعُـكَ إذ لِـغَـيـرِكَ وٰالـــى
و احـــذَرْ مُـقـارَعَـةَ الـصَّـغـيرِ فَــإنَّـهُ
يَــرقـى لِـشـأنِـكَ إنْ أَتَـحـتَ مَـجـالا
و اهـبِـطْ لِــدونِ الأَهــلِ تَـعلُ مَـكانَةً
فَـالـمَاسُ مِــنْ قَـعـرِ الُأروضِ تَـعالى
لا تَـطـلُـبَـنَّ وَجــاهَـةً ، و اركُـنْ لَــهـا
تَـطـلُـبْـكَ رَغــمَـاً إنْ أَجَـــدْتَّ فِــعـالا
لِــبــسُ الــعَـبـاءَةِ لا يَــزيــدُ مَـهـابَـةً
إنْ لَـــمْ يُــنِـرْ عَــقـلُ الـمُـهابِ عِـقـالَا
فـالـرَّاشِـدُ الــفـاروقُ خَــيـرُ خَـلـيـفَةٍ
و الــثَّـوبُ مِـــنْ آلِ الــرِّقَـاعِ تَـبـالـى
مََـهـمَا صَـنَعتَ فَـلَنْ تُـضيفَ لِـناقِصٍ
فَسُــهولُ أَرْضِــكَ لَــنْ تَـصـيرَ جِـبالا
و احْفَظْ مَـكانَكَ في المَجالِسِ ماتِعَاً
مِــكـيـالَ قَــولِــكَ لِـلـحَـديثِ ثِــقَـالا
فَـمـهـابَةُ الــرَّجُـلِ الـحَـكيمِ بِـصَـمتِهِ
و إذا تَـــكــلَّــمَ جُـــــــلُّ ذٰلِــــــكَ زالا
فَـــرُزِ الــرِّجـالَ و لا يَــغُـرُّكَ قَـولُـهُـمْ
فَـعُـيـونُهُمْ بِـالـقَـولِ أَصَـــدَقُ حـــالا
و ابــدَأ بِـذِكـرِ الــلّٰهِ مَـسـموعَاً تَـكُـنْ
و اجـزِلْ تَـطبْ عِـندَ الحُضورِ وِصالا
و اصْـبِـرْ عَـلـى مُـتَـحَذلِقٍ أو جـاهِلٍ
و تَــحَــرَّ ، لا تُــــولِ الـمَـنـاكِفَ بـــالا
و اكــبَـرْ عَــلـى مُـتَـكَـبِّرٍ مُـتَـعَـجْرِفٍ
و ابْــسُـطْ كَـمـالَـكَ فَــوقَـهُ وَ تَــعـالَ
أَبــنــاءُ تِـسـعَة يـــا ابـــنَ آدَمَ كُـلُّـنـا
و عَــلـى شَـفـيـرِ مَـصـيـرِنا نَـتَـوالـى
فَـالـرُّوحُ مُـلـكُ مَــنْ الـتَـهيتَ بِـمُلكِهِ
فَــغَـداً تُـــرَدُّ و لَـــو مَـصـيـرُكَ طــالا
مـــا دامَـــتِ الـدُّنـيـا لِـسَـيِّـدِ خَـلـقِـهِ
حَــتَّـى تَـــدومَ لِـخـائِـلٍ قَـــد خَـــالَا
فَــارفِـقْ بِـنَـفـسِكَ لا يَـغُـرُّكَ زَهـوُهـا
لا نَــفـسَ تُـنـكِـرُ أصـلَـهـا الـصِّـلصالا
و الْــهِـمْ بِـخُـلـقِكَ عـــاذِلاً و مُـعـادِياً
لِـلـخَـيرِ ، و افْـسَـحْ لِـلـصَّفاءِ مَـجـالا
و اخفِضْ جَناحَكَ لِلسَّلامِ فَما انثَنَتْ
فــيـكَ الــمُـروءَةُ لــو حَـقَـنتَ نِـكـالا
فَــالـشَّـرُ مَــعـقـودٌ بِــــأرذَلِ خَــلْـقِـهِ
و مُــحـالُ يَــهـوَى الـطَّـيِّبونَ عِــذالا
فـإذا اضْـطُررْتَ إلى النِّزالِ و مُرغَماً
فَــاكـسَـبْ غَــريـمَـكَ إنْ أرادَ نِــــزالا
و زِنِ الـصَّداقَةَ فـي الـظَّلامِ فَـمَا لَـها
وَزْنٌ لِــيُـبْـصَـرَ إنْ لَــمَــحـتَ هِــــلالا
لِــلــنَّـاسِ أَوزانٌ تُـــقــارِبُ بَــعْـضَـهـا
غَـيـرُ الَّــذي فــي الـقَـلبِ أَكـثَـرُ مَـالا
و يَفيضُ مِنْ عُنُقِ الفُؤادِ إذا انقَضى
مـــالٌ ، وَ مـــلَّ الـحَـظُّ مِـنـهُ و مــالا
فَـالـنَّـاسُ لَـيْـسَـتْ بِـالـمَظاهِـرِ إِنَّمَــا
بِــالـفِـكـرِ تُــبـصِـرُ لِـلـحَـيـاةِ جَــمــالا
فَـالـمَـظهَرُ الـجَـذّابُ يَـخـدَعُ فـارِغَـاً
و يَـروزُ نَـدْسٌ تُبَّــــــعَاً و زِمـــــــــالا
قَــدْ صــارَتِ الأَشـنـابُ تُـعـتَقُ زيـنَةً
مُــــــذ آلَ مِــنــهـا لِــلـخَـنَـا مـــــا آلا
زَمَـنٌ ( تَـوَلدَنَ ) و الـرِّجالُ تَـضاءَلَتْ
و يَــقــودُ أَشـبــاهُ الــرِّجــالِ رِجـــالا
بَـعضُ الـسُّيوفِ مِنَ الحَديدِ تَشَكَّلَتْ
و يُـزَيِّــنُ الــحَـجَـرُ الـكَـريـمُ نِــصـالا
فَـالقَصدُ فـي بَـسطِ الـحَديثِ مَفادُهُ
أَنّـــى بَـلـغـتَ بِــمـا بَـسَـطّتَ فِـضـالَا
أَعــرِضْ عَـنِ الـفِعلِ الَّـذي إن شـابَهُ
رِيــــبٌ تُــضَـيِّـعُ بِــالـحَـرامِ حَــــلالا
و اسـلُكْ طَريقَكَ في الحَياةِ فَسَهلُها
وَعـــرٌ ، فَـكَـيـفَ إذا سَـلَـكـتَ تِـــلالا
فَـانظُرْ ، فَـحَولُكَ مِنْ فَصيلَةِ جِنسِنَا
بَـــشَــرٌ بَــــواقٍ يَـمـتَـطـونَ خَــيــالا
فَـالبَعضُ مِـنهُمُ لَـو قَـرأتَ وُجـوهَهُمْ
لَـسَـلَـوتَ فـيـما قَــد قَــــرَأت مَــــآلَا
فَـاخْـتَرْ رَفـيـقَ الــدَّربِ مِـمَنْ مـا لَـهُ
وَجــــهٌ لِــيُـقـرَأَ إنْ أَصَــبـتَ مَــطـالا
و احـقِر - مِـنَ الـقَومِ - الَّـذي بِـلِسانِهِ
نَـــمِــرٌ و يُــصْـبِـحُ إنْ زَأَرتَ غَــــزالا
لا تَقــرَبَنَّ الـنَّذلَ في نَسَــبٍ و خُــذْ
مِــــنْ بَــيــتِ أَصــــلٍ إنْ أَرَدْتَّ دَلالا
فَــإذا الـسُّـنونُ تَـلاءَمَـتْ بِـجُحودِها
عِـــنْــدَ الأَصــيـلَـةِ لا تُــبَــدِّلُ حَــــالا
و بَـنـونُـها يَـــرِدُ الـمَـخـاوِلَ عِـرقُـهُمْ
فَـاخْـتَـرْ لَــهُـمْ قَـبْـلَ الأُمـومَـةِ خَــالا
و اخـتَـرْ أصــيـلاً لـلـكَـريمَةِ حَـيـثُـما
لا يَــصْـنَـعُ الــمــالُ الـوَفـيـرُ رِجـــالا
فَـالـمالُ يَـذْهَـبُ و الأَصـالَـةُ مــا لَـها
عُـــمــرٌ لِـتَـفـنَـى أو تَــشِــحَّ جَــــلالا
و الـمـالُ لا يَـشـري الـرُّجـولَةَ إذْ بِـها
نَـــــــزفٌ ، و طَـــبْـــعٌ لِـــلـــرَّداءَةِ آلا
و اقـصُـدْ بِـيـوتَ الأكـرَمينَ مُـجاوِراً
تَـــنَـــلْ الــكَــمـالَ إذا أردتَّ كَـــمــالا
إنْ لَــمْ تُــزَدْ فَـضـلاً فَـيَـكفي طـالـما
تَـــزدادُ مِــنْ شِـيَـمِ الـكِـرامِ خِـصـالا
و احـــذَرْ مُـجـاوَرَةَ الـبَـخيلِ فَـبَـيتُهُ
قَــبــرٌ وَ تُــحـسَـدُ إنْ قَــرَعــتَ دِلالا
و تَـجَنَّبِ الـرَّجُلَ الـحَلوفَ و مَـنْ إذا
جــادَلـتَ يَـسـبِـقُ بِـالـيَـمِينِ جِـــدالا
فَـالصِّدقُ يُـقرَأُ إنْ نَـطَقْتَ وَ فُـسحَةٌ
لِـلـصِّـدقِ تَـنـضِبُ إذْ حَـلَـفْتَ طِـوالا
و يُـشَـكُّ فـيكَ إذا اسْـتَعَنتَ بِـشاهِدٍ
لِــيَـقـولَ فــيـكَ مَــراجِـلاً و نِــضـالا
مَـعـنى الـرُّجـولَةِ لا يُـصـاغُ و أَصـلُهُ
فِــعــلٌ يُــــذاعُ إذا أجَــــدتَ فِــعـالا
يــــا أيُّــهـا الإنــسـانُ أنَّـــى تَـبـتَـغي
فَــضـلاً ، و تُـبـخِسُ رَبَّــكَ الأَفـضـالا
لا تَـــرجُ دُنــيـاكَ الــغَـرورَ ، فَــواهِـمٌ
مَــن عاشَ فـــي أحضــانِها مُخــتالا
هَل ذات يَومٍ قَــد عَلِمـتَ مِـنَ الوَرى
مَــنْ طالَ أنـفـاسَــاً لَــهُ و خَـيالا ؟!
مَـن لَـــم يَنَلْ مِـــــنْ أَمـــرِهِ أنفَاسَــهُ
أَيَنالُ مِــنْ زَيـفِ الـدُّنا مــــا نَالا ؟!!
هٰذي هــــيَ الـدُّنـيـا فَــكُـلُّ مَـتـاعِـها
إن لـــم يَـــزُلْ فَـلِـصـاحِبٍ قَـــد زالا
بِــالــلّٰهِ نُــؤمِــنُ و الـدِّيـانَـةُ مَــنـهَـجٌ
و الـنَّـهـجُ يَـسـبِـقُ لِـحـيَـةً و سِـــدالا
جَــرُّ الـمَـغانِمِ و المَـكاسِبِ قَــد غَـدا
بــاســمِ الــدِّيانَةِ حِــرفَــةً و مَجَـــالا
فَـاعرِضْ عَـنِ الـمَــرءِ الَّذي في دِينِهِ
غـــايٌ لِـيَـبـلُغَ فـــي الـحَـيـاةِ مَــنـالا
و ابــذُرْ فَـخَـيرَاً إنْ بَــذَرتَ حَـصَدْتَّهُ
أَجــرَاً وَ تَـكـسَبُ إنْ حَـصَدتَّ غِـلالا
تيسير الشَّماسين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة بعنوان حبّك يكبر / للشاعر جعفر الخطاط

قصيدة بعنوان رسالة الأميرة / للشاعرة مريم كباش

قصيدة بعنوان لا تطرق الباب / للشاعر منهل الملاح